logo

أُولِي الْأَلْبَابِ

أُولِي الْأَلْبَابِ

كلمة "أُولِي" هي صيغة جمع للمفرد "وَلِي" وتعني "المالك" أو "الحاكم" أو "الممتلك". وتُستخدم في القرآن الكريم للإشارة إلى الأشخاص الذين يمتلكون صفة معينة أو يحملون مسؤولية خاصة.

أما الكلمة "الْأَلْبَابِ" فتعني "العقول" أو "الأذهان"، وتشير إلى القدرة على التفكير العميق والتدبر والفهم.

لذلك، عبارة "أُولِي الْأَلْبَابِ" تعني "أصحاب العقول السليمة" أو "الأشخاص الحكماء" أو "أولئك الذين لديهم الفهم العميق والحكمة".

كذلك:

"أُولِي الْأَلْبَابِ" هو تعبير يستخدم في القرآن الكريم ويشير إلى "أهل العقول السليمة" أو "أصحاب الفهم العميق" أو "أولئك الذين لديهم الحكمة والذكاء العالي".

تعني "أُولِي الْأَلْبَابِ" الأشخاص الذين يمتلكون قدرة على التفكير العميق والتدبر والتأمل في الأمور، والقدرة على فهم وتحليل الحقائق والعلاقات بين الأشياء، والقدرة على استنتاج النتائج واتخاذ القرارات المناسبة.

في القرآن الكريم، يشدد على أهمية أُولِي الْأَلْبَابِ في التفكر في آيات الله وخلقه، وفهم الحقائق والحكمة التي تكمن فيها. إنهم الذين ينظرون إلى العالم من حولهم بعقول مفتوحة ويسعون لاكتساب المعرفة والفهم العميق، ويستخدمون هذا الفهم في خدمة الحق واتباع الطريق الصحيح.

ويعتبر "أُولِي الْأَلْبَابِ" من الناس الذين يتمتعون بالقدرة على تفسير الأمور بطريقة صحيحة ومنصفة، ويستخدمون هذه القدرة في اتخاذ القرارات الصائبة والنصح للآخرين.

إن استخدام مصطلح "أُولِي الْأَلْبَابِ" يشير إلى أن العقل والفهم السليم هما الأساس للتفكير واتخاذ القرارات الحكيمة، وهم من الناس المميزين بفهمهم العميق وحكمتهم في استنتاجاتهم وأفعالهم.

ومن الأيات التي ذكرت عنهم:

إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (192) رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ۚ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194) فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۖ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195) آل عمران

أو:

أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ ۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) الرعد

من هم؟

إن الإنسان إذا كان يبحث عن الإجابة عن هذا السؤال فأولى به بدلًا من أن يتعب نفسه أن يسترسل في تلاوة الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وحينئذ سيجد الجواب الشافي والقول الفصل.

و لقد وصفهم الله في موضعين

الموضع الأول

إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190) .... (195)

سنجد ان صفاتهم هي:

  1. يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم: يعني أنهم يذكرون الله في جميع الأوقات، سواء كانوا قائمين، جالسين أو مستلقين على جنوبهم. يتواصلون مع الله بالذكر والعبادة في كل حالاتهم.
  2. يتفكرون في خلق السماوات والأرض: يعني أنهم يتأملون ويتفكرون في عظمة خلق الله وتنظيمه للسماوات والأرض. يستنبطون العبر والدروس من مشاهدة خلق الله ويتأملون فيها.
  3. يقولون: "ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار": يعني أنهم يعترفون بقدرة الله العظيمة في خلقه للكون ويشهدون على صدقه وعظمته. يتضرعون إلى الله بالتوبة والاستغفار والحماية من عذاب النار.
  4. يدعون ربهم قائلين: "ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار": يعني أنهم يستغيثون بربهم ويدعونه بأنه لا يدخلهم في النار، وأنه لا يكون للظالمين من أنصار أو معينين.
  5. يستجيبون لمنادٍ يدعوهم إلى الإيمان ويقولون: "آمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار": يعني أنهم يجيبون على نداء الداعي إلى الإيمان بالله ويؤمنون به، ويطلبون من الله مغفرة ذنوبهم ومسامحتهم وأن يتوفاهم وهم في حالة البر والتقوى.
  6. يطلبون من ربهم أن يوفيهم بما وعدهم على يد رسله: يعني أنهم يدعون الله بأن يحقق لهم ما وعدهم به على يد رسله من الجنة والثواب العظيم.
  7. يستغيثون ربهم قائلين: "ربنا لا تخزنا يوم القيامة، إنك لا تخلف الميعاد": يعني أنهم يستعينون بالله ويطلبون منه أن لا يخزيهم في يوم القيامة، وأن يفي بوعده لهم، وأنه لا يخلف المواعيد والوعود التي أعطاهم إياها.
  8. رد الله عليهم: انه استجاب لدعائهم و ان الله لن يضيع عمل عامل منهم وانه سيكفر عنهم سيئاتهم و يدخلهم جنات ثوابا من عنده

الموضع الثاني

أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ ۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) ... (24)

سنجد ان صفاتهم هنا هي:

  1. العلم بالحق: يعني أنهم يمتلكون المعرفة والفهم الصحيح للحقيقة التي ينزلها الله إليهم، ولا يكونون في حالة جهل أو عمى عن الحق.
  2. الوفاء بالعهد وعدم خرق الميثاق: يعني أنهم يلتزمون بالعهد والتزاماتهم تجاه الله ولا ينقضون الوعود التي قطعوها، ويظلون صادقين في العهود والتعهدات التي يقومون بها.
  3. صلة الرحم: يعني أنهم يحافظون على العلاقات الحميمة والقوية مع أفراد العائلة والأقارب، ويقومون بصلة الرحم والتواصل الحسن والاهتمام بالعلاقات العائلية.
  4. الخوف من سوء الحساب: يعني أنهم يتحلون بالخشية والخوف من عواقب الحساب السيئ في الآخرة، ويتوجهون بخشوع وتقوى إلى الله، ويحرصون على تفادي الأعمال السيئة.
  5. الصبر وابتغاء وجه ربهم: يعني أنهم يصبرون ويتحملون الصعاب والابتلاءات في سبيل الله، ويسعون جاهدين للتقرب إلى وجه ربهم ولرضاه.
  6. إقامة الصلاة: يعني أنهم يؤديون الصلاة بانتظام وبتركيز، ويحافظون على أداء الصلوات الخمس في أوقاتها المحددة وبالشكل الصحيح.
  7. الإنفاق سرًا وعلانية: يعني أنهم يتصدقون وينفقون من مالهم في سبيل الله سواء بشكل سري أو بشكل علني، ولا يتمنون الإشادة أو الثناء لأعمالهم الصالحة.
  8. دفع السيئة بالحسنة: يعني أنهم يتجنبون الأعمال السيئة والشر، وبدلاً من ذلك يقومون بالعمل بالأعمال الحسنة والطيبة، ويسعون لتحسين الأوضاع وإحضار الخير والجمال.
  9. دخول جنات عدن: يعني أنهم سيدخلون الجنة، الجنة الخلدية والروض الواسع، كمكافأة لإيمانهم وأعمالهم الصالحة.
  10. دخول الملائكة عليهم من كل باب: يعني أن الملائكة ستدخل عليهم من كل جانب بالتهاني والتحية، وتبشرهم بدخول الجنة وتقديم التحية والسلام لهم على ما صبروا في الدنيا وتحملوا من الصعاب والمحن.
  11. رد الله عليهم: تحية السلام عليهم لما صبروا.

الإختلاف في وصفهم بين الموضوعين

يمكننا رؤية اختلافًا في الأسلوب بين الموضعين فيما يتعلق بالصفات المذكورة.

في الموضع الأول، يتم التركيز على الصفات العقدية لأولي الألباب، مثل معرفتهم بالنعم و ربطها بقدرة الله و معرفتهم بالحق والتوحيد، وتذكرهم لله واستغفارهم، وتوجههم إلى الله في الدعاء والاعتراف بقدرته وعظمته. هذه الصفات تعكس الوعي الروحي والعمق الديني لأولي الألباب.

أما في الموضع الثاني، يتم التركيز على الصفات العبودية لأولي الألباب، مثل الصلاة والصبر والإنفاق في سبيل الله، ودفع السيئة بالحسنة، وصلة الرحم. هذه الصفات تعكس التزامهم العملي وتحقيقهم للأعمال الصالحة والقيام بالواجبات الدينية والأخلاقية.

بالتالي، يمكن اعتبار الموضع الأول يعكس الجانب العقدي والروحي لأولي الألباب، في حين يعكس الموضع الثاني الجانب العملي والعبادي لهم. ولكن يجب أن نلاحظ أن هاتين الجانبين ليست متناقضتين بل تتكاملان، حيث يتعلق العمل الصالح والعبادة الصحيحة بالإيمان والعقيدة السليمة.

الإستنتاج من الآيتين

من الموضوعين المذكورين، يمكننا استنتاج عدة نقاط:

  • أولي الألباب هم الأشخاص الذين يتمتعون بالعقل والفهم، وهم قادرون على التفكير والتدبر في خلق الله وعظمته.
  • صفات أولي الألباب تشمل المعرفة بالحق والوفاء بالعهد والالتزام بالوعود والتركيز على العبادة والذكر والصلاة والصبر والإنفاق في سبيل الله ودفع السيئة بالحسنة.
  • أولي الألباب يتواصلون مع الله في جميع الأوقات ويعكسون التزامهم العملي والروحي بالعبادة والتقوى.
  • الله يستجيب لدعاء أولي الألباب ويعطيهم الثواب والمغفرة ويدخلهم الجنة ويحظى برضاهم.
  • يجب أن نتأمل في خلق الله ونفكر في عظمته ونشكره ونستعيذ بالله من عذاب النار ونتحلى بالخوف من سوء الحساب ونطلب مغفرة الله ونطلب منه تحقيق وعوده.